stat

Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

Le premier article sur "Monsieur Albert - Cossery, une vie" en langue arabe (4 mai 2013)

logo-doha-magazine.GIFالكاتب الفرنسي فردريك أندرو: رحلة البحث عن ألبير قصيري

حوار - طلال فيصل

نلتقي في مقهى فلور CAFÉ DE FLORE، الواقع في بوليفار سان جرمان الشهير بباريس. لا يوجد مكان أنسب للقاء الكاتب والصحافي فردريك أندراو، الذي أصدر مؤخراً كتابه «مسيو ألبير»، ويعد الكتاب أول سيرة للكاتب المصري الفرنسي الشهير ألبير قصيري الذي يعتبر أحد معالم حي سان جرمان، حيث كان يتمشى يومياً: بين مسكنه بفندق اللويزيان وشارع سان جرمان ومقهى فلور، الذي كان ولا يزال قبلة الأدباء في عاصمة النور. قابلت الصحافة الفرنسية الكتاب بحفاوة شديدة فور صدوره، وكذا كان الأمر في معرض الكتاب SALON DU LIVRE الذي شهد اهتماماً كبيراً بالكاتب وكتابه، وبسيرة الرجل التي تبدو عصيّة على النسيان. حول الكتاب، وقصيري وسيرته، كان لنا معه هذا الحوار.

™ في البداية، وقبل الدخول في تفاصيل الكتاب، لماذا ألبير قصيري؟ ولماذا الكتابة الآن عن ألبيرFA cote.jpg قصيري؟

- لا أظن أنني أملك إجابة واضحة لهذا السؤال. أحياناً يبدو الاختيار جذاباً- بسبب جاذبية قُصيري لدى القارئ الفرنسي، لذا فإن الكتابة عنه تضمن نجاح الكتاب، كما يقول الناشرون. ومن جهة أخرى قد يبدو اختياراً غريباً، فليس هناك الكثير مما يمكن كتابته عن سيرة الرجل. فقد كانت حياته هادئة تماماً؛ بلا دراما صاخبة وبلا تنقلات عنيفة. هذا الهدوء الظاهري في حياته جعل الكتاب مهمة عسيرة بعض الشيء..

™ ربما لهذا السبب اخترتَ ضمير المخاطب «أنت» لكتابة هذه السيرة، الأمر الذي جعله أقرب إلى رسالة حنين لألبير قصيري؟

- ربما. ثمة حنين فرنسي قائم طوال الوقت نحو الرجل. يمكنك ملاحظة ذلك في طبيعة استقبال الكتاب حتى الآن، وفي حماس الحاضرين عند حفل إطلاق الكتاب - وقد شهدتَ ذلك بنفسك، كان أصدقاؤه القدامى حاضرين وكذلك الصحفيون الراغبون في الكلام عن الرجل دون انقطاع. ثمة شغف بالرجل، ويبدو أن موته لم يغير من طبيعة الأمر!

™ هذا ما يقودني إلى السؤال عن هذا الشغف الفرنسي بـ «ألبير قصيري»؟ هل هو شغف بالكتابة ذاتها؟ بحياة الرجل الغامضة؟ أم بمواضيع رواياته - تلك العوالم السحرية الغرائبية التي يقدّمها؟

- الاهتمام بالعالم الغريب الذي يقدمه قصيري في رواياته قد يكون كافياً لبعض الوقت، لكنه لا يصنع كاتباً؛ أو يحفظه في الذاكرة طوال هذا الوقت، خصوصاً وأن قصيري ليس كاتباً غزير الإنتاج. وكذلك لا يمكن اعتباره كاتباً أجنبياً بأي شكل من الأشكال. لغته الفرنسية باريسية أصيلة ولا تشعر معها بأي غرابة.

™ لكن لغته الأصلية هي العربية؟CouvCossery.jpg

- لا يمكنني الجزم بذلك. يقول بعضهم إنه لم يكن يتحدث بالعربية إطلاقاً، ويقول بعض آخر إنه نسيها جراء إقامته الطويلة في باريس. المؤكد أن ألبير قصيري كاتب فرنسي تماماً - اختار أن يكتب عن مصر، وهي جزء من عالمه الروائي. أما الاهتمام القائم به فهو اهتمام بكتابته التي تتجاوز بعمقها وعذوبتها أي زمن.

™ اللغة عند ألبير قصيري هل هي أهم عناصر الكتابة؟ لغة مختلفة تماماً؟

- بالطبع. قصيري بدأ شاعراً، وله ديوان نشر في القاهرة عام 1931 بعنوان «لدغات» إلا أنه مفقود - وربما يستطيع أحد ما العثور عليه!! اختيار خاص جداً للمفردات ولتركيب الجملة. استعمال للمفردة بشكل يخصه هو وحده.

™ استخدمتَ ذلك الجزء من روايته مقدمةً للكتاب، حيث يقول «وإذا كنتَ قد قــرأت كتــبي دون أن تعرف من هم أولاد الحرام، فأنت لم تفهمني - إذن - أبدا»، فهو يستخدم كلمة مثل SALOPARD، ذات الوقع البذيء، في هذا السياق الغريب؟

- بالضبط فكلمة SALOPARD قد تجدها في المعجم، كما أنها تستخدم في لغة الشارع، لكن وضعها في سياق حديثه عن «أعداء الإنسانية» يبدو غريباً، وخاصاً.

™ من هم «أولاد الحرام» إذن، من وجهة نظر قصيري؟

- هم «الكبار» يمكن أن يكونوا السلطة، القيادات، رجال الدين، كل من يظن أن من حقه أو من واجبه هداية الناس أو توجيههم أو فرض رأي معين أو حياة معينة عليهم. قصيري كان مقتنعاً بأن الفقراء المهمشين - اللصوص الصغار أو الرعاع كما يطلق عليهم - هم ضحايا لهؤلاء الكبار في كل زمان ومكان.

™ وفق وجهة النظر هذه - ووفق تعريف قصيري نفسه لنفسه، فهو «فوضوي» لا يثق في النوع البشري كله، هل يفسر هذا - في رأيك - ما عُرف عنه من كسل وزهد في كل شيء؟

- أظن أن مسألة كسله هذه أبعد من ذلك. فقد نشأ قصيري في أسرة أرستقراطية. وكان جده، وكذلك والده، بلا عمل. ثم انتقل إلى باريس. ثمة مفارقة تستحق التأمل؛ في الصناديق التي يحويها أرشيف دار جاليمار؛ وتضم رسائل ومخطوطات وأجزاء من روايات لم تنشر، يبدو قصيري مهووساً بفكرة النسيان. أنه سيُنسى، أن أحداً لن يتذكره، أن مصير كل مجهوده هو العدم. قد يكون ما عرف عنه من كسل هو حيلة دفاعية هرباً من هذا الخوف الملحّ، وتعبيراً ساطعاً عن رغبته الشديدة في البقاء.

™ هل هذا الأرشيف موجود حتى الآن؟

- بالطبع، تحتفظ به دار جاليمار، كعادتها مع كتّابها، وأظن أن الاطلاع عليه متاح؛ وهو يضيء مناطق مجهولة وذات دلالة في حياة الرجل، منها أنه ظل يراسل والده لسنين بعد استقراره في فرنسا، وأنه كان يحاول زيارة مصر من آن لآخر، ثم انقطع عن هذه الزيارات بسبب وضعه المالي بعد ذلك. كذلك ثمة الرسائل بينه وبين أخيه في مرحلة متأخرة، ويبدو لمن يقرأ هذه الرسائل أن علاقته بمصر انقطعت نهائياً بعد وفاة هذا الأخ. الأوراق تضم كذلك بطاقات بريدية كثيرة عليها عبارات متناثرة - هذه هي الطريقة التي كان يكتب بها، والمفاجأة أنها تضم روايته الأخيرة - غير المنشورة - وهي شبه مكتملة تقريباً، وأظن أن هناك نيّة لإصدارها. ربما.

™ حضرت الحفاوة التي قوبل بها الكتاب في معرض باريس، وفي معرض بروسل من قبل. ما يجعلني أسأل؛ أي صورة يكوّنها القارئ عن مصر من خلال قراءة أدب قصيري؟

-إنه ذلك العالم الساحر، شيء قريب من عالم محفوظ لكن مع لمسة سحرية ووحشية تخص قصيري، الرجل الذي يعمل بالرقص مع القرود مُقدماً عروضه في الشارع (هل تزال هذه المهنة موجودة للآن؟!) كذلك حديثه عن المقاهي والمناطق الفقيرة، بحيث يبدو الأمر ساحراً، كأنه خارج من كتاب ألف ليلة وليلة! 

™ بعد هذه السنوات، وبعد رحيله، ماذا يبقى من ألبير قصيري الآن؟ وماذا سيبقى منه، في رأيك؟

- يبقى منه ثمانية كتب وثلاثة صناديق في أرشيف جاليمار، يبقى الشغف الدائم به وبالكلام عنه، يبقى هذا الحوار الدائر بيننا، ويبقى ظله المُطل من كل ركن في جادة سان جرمان أو من مقهى فلور، وتبقى الحكايات التي لا تنتهي عنه؛ آخرها ما قاله لي هذا النادل العجوز هناك - وسأضيفه في الطبعة الجديدة، أنه سأل قصيري؛ وكان جالساً وحده «ألا تشعر بالملل يا سيدي؟» فأجابه بسرعة «يستحيل أن أشعر بالملل وأنا مع ألبير قصيري».


 موضوعات أخرى

Les commentaires sont fermés.